عرض مشاركة واحدة
قديم 17-11-2010, 11:51 AM   #5
براااق الحـــازم
 
الصورة الرمزية براااق الحـــازم
 







 
براااق الحـــازم is on a distinguished road
افتراضي رد: لانقـتـلني أيه البـــــوي ............ ( قصه )

.





.


[mtohg=undefined]http://img105.herosh.com/2010/11/17/493699637.jpg[/mtohg]

.

.

صعدت إلى الفندق وأنا اغبط حظي الذي أهدى لي هذه الهبة.

احتاج إلى ترتيب بعض أولوياتي ووضع بعض النقاط في مفكرتي الخاصة بعناية. قد تعينني هذه السيدة دون قصد منها.

هذه فرصة لكي اعرف المزيد, خاصة وأنها قريبة من لجنة المسابقة.

هناك تساؤلات كثيرة من الجميع حول مستوى الأعمال المعروضة!.. وسائط العرض وإمكانات المكان, أعضاء اللجان المنظمة, والوفود المشاركة.. الندوات التي سوف تشارك بها. وما دار خلف كواليس لجنة التحكيم؟.. نعم هناك الكثير من الاشياء المبهمة؟

..لي نقاشي الخاص غدا مع بعض أعضاء اللجنة المنظمة, فهذه التساؤلات يجب ان تسجل في مكتب الدكتورة "سامية حسين" سكرتيرة اللجنة, ويجب أن تصل للجهات التنظيمية العليا.

ـ هذه السيدة متحدثة بارعة, وستفصح عن الكثير؟

تعمدتُ البساطة في هندامي فاللقاء لن يتعدى الجلوس لتناول فطيرة بيتزا.

كعادة أصحاب الحاجة طبعا وصلت باكرا. لازلنا في الرابعة والنصف عصر.

فضلت احد الزوايا الضيقة في المطعم. سوف تضطرا تلك السيدة إلى الجلوس امامي بينما يكون ضوء النافذة خلفها مباشرة. ولأنها ترتدي نظارات طبية فإني أخشى أن تربك كمية الضوء الداخلة عينيها.. أو ربما ينصرف نظرها لبعض ما يحدث خارج المطعم فينقطع الحديث..." حاليا هكذا أفكر" ارجوا أن تـُفيدني هذه الحذاقة في إدارة حوار مثمر!

سأعتمد على ذاكرتي في تسجيل البيانات الهامة, فمن غير اللائق ان ابدي أي تصرف قد يجلب لي الحرج أو المتاعب.
الم اعتد فترات الانتظار هذه منذ مدة طويلة من الزمن.

فرصة الجلوس مع انثي مجهولة تحمل هذا القدر من الثقافة والحيوية خانق بعض الشيء, خاصة اذا كان الكلام مع شخصية متخصصة ومطلعة فيما اجهله.

لكن ..
ألا.. يجب ان افكر بطريقة مختلفة؟

شئون المسابقة والمعرض محل حوار وبحث طويل يستحيل ان يكون المكان والزمان مناسبين لمثل هذه التصورات الساذجة, يجب ان افكر بجدية اكبر...

تأخرت كثيرا... عادت العرب السيئة مجددا.

لاجديد..امتهانٌ للوقت, تأخرت السيدة عن موعدها واصبحنا في الخامسة والربع عصرا.

حسناً... يمكن ان نلتقي غدا في القصر فلازال هناك يوم حافل بالحضور والندوات المصاحبة.

... تنازعني رغبة ٌعنيدة...سوف تأتي.... انتظر بعض الوقت..!

اخشي ان يتحول هذا الانتظار إلى رغبة مراهق أو شيطان, وقلبي لم يعد قادر على ضخ الدماء. اشعر انها متجلطة تجاه كل ما عشته ورأيته في سفراتي الكثير.

عبثت تلك الطاولة بمشاعري, فطفقت اهيم بأثر الخدوش وخربشات الحروف والتذكارات المتناثرة هنا وهناك, لمن مر عليها من المتسكعين والعشاق.

بدوري أنا عبثت بأشياء كثيرة ـ المناديل التي كانت على الطاولة, قلم كنت احمله في قميصي.. قرأت قائمة الطعام ـ
قمت بجمع اجمالي اسعار الاكلات وقسمتها وطرحتها ! ـ تحدثت مع بعض العاملين بالمطعم .. بعد أن صابني الملل استندتُ على احد الحواف الخشبية التي تحيط بالمطعم. واخيرا فكرت بالخروج.

ثم ما لبث أن دخلت سيدة غريبة بعض الشيء تلبس فستان فضفاض ومشجر بالألوان الخضراء, يبدو اكثر حشمة مما تعودت أن اراه منذ قدمت هنا. تبعتها بعيني وانا اتفحصها, هل يعقل ان تكون هي؟

تنبهت لمكاني ثم اقبلت بتجاه الطاولة .. دون ان تبدي في سيرها أي مستوى من الانوثة التي تتحلا بها من يلبس هذه النوعية من الازياء.

ـ مسيوو.

ـ اهلا.

ـ أسفه تأخرت في الحضور..اضطررت إلى ترتيب شنطة سفري. لقد اتخذت قرارا قاسيا منذ لحظات....

..هل تصدق؟ ..أني استفدت كثيرا من الافلام الروائية اكثر من فائدتي من بعض البشر.. يجب ان تكون مستحيلا في ردود افعالك, لكي تـُحترم من الاخرين.. بعض الاشياء لا تستحق منا الكثير من العناء, كن كريما مع نفسك.. مسيو..
ثم تابعت الحديث:

ـ " الا.. بالحق, ما سمُوك "... كنت مرهقة حين غادرت القصر. انزعجت كثيرا هذا اليوم, لقد احتقروني ... نعم مدير المسابقة شخصية شوفينة.. وبالجملة ليس محترم. لا يمكن ان يحدث هذا في أوروبا...!

مرة اخرى تواصل السيدة الحديث وانا انظر لها بعناية محاولا صنع ماستطعت من المشاعر المرافقة لنبرة صوتها المرتفعة.

ـ المكان لطيف هنا .. هل تأتي كل يوم هنا؟ .. لم اتنبه لهذا المكان قبل الان؟ ..

" اسمع مسيو " لم اتوقع المجيء للقاهرة, لكني قبلت حين عرض علي السفير المصري في السويد أن اشارك في هذه المناسبة. خاصة ان اصولي عربية, واجيد التحدث قليلا بالعربية, كما عرض على المشاركة في ندوات المعرض المصاحبة للمسابقة ببحث كنت قدمته لجامعة "بيرن" عن تجربة الفنانين العرب في المهجر..

وليتني لم اقبل هذه الدعوة.. الآن أنا نادمة على الحضور. نعم انا اتمنى ان اغادر الى السويد حالا..

"بغدون" تكلمت بانفعال...من انت؟

ـ مرحبا بك سيدتي. الحقيقة اني منفعل اكثر منك.. أنا ايضا فوجـئت بالكثير من التحزب والعنصرية لدي لجنة التحكيم خاصة تلك التي أجازت فوز الاعمال بالمراكز المتقدمة .. لم يكن الاختيار موقف, وبه الكثير من الاجحاف والتنكر لتجارب قوية والاكثر اهمية!

ـ انا "قولتو هذا "... للدكتور "سعيد" مدير المناسبة ورئيس لجنة التحكيم. لكن يبدوا أن هناك شك في نزاهة الجميع؟

تبسمتُ برفق .. وحاولت ان اغير مضمون الحديث.

ـ سيدتي لم اكد اعرفك. هل انتِ تلك السيدة الغاضبة التي كنتِ معي بالتاكسي منذ اكثر ساعة؟

.. اني امام امرأة جديدة .. لن ابالغ اذا قلت لقد اصبحتي اكثر جمالا من ذي قبل. اين نظارتك الطبية, وانـّا لك هذه الزي الجميل؟

ـ اه شكرا.. حقا اعجبك؟ ..لقد تركت النظارات الطبية في الفندق , الان ارتدي عدسات لاصقة.. آه... الفستان! كان في حوزتي منذ زمن. كم تمنيت ان البسهُ في بلدٍ عربي, وهذه فرصتي.

ـ في حوزتك منذ زمن..؟

ـ نعم انه هدية من امي التونسية.

ـ انتِ تونسية؟

ـ انا سويدية. لكن ابي وامي تونسيان مهاجران في السويد, توفيا منذ زمن طويل.

ـ وانت "ما سموك" انت ميصري..؟

ـ اسمي "مـُغير" لست مصري, أنا من الخليج.

تغيرت ملامح وجهها حين سمعت الخليج. حاولت تفادي النظر تجاهي. لا اعلم بما همـّت؟ لكنها فتحت شنطة يد صغيرة كانت تحملها وبدأت بالعبث بمحتوياتها.... كانت مفاجئة لي أن اهل الخليج مكروهين في اوروبا.

ـ هل في الامر ما يزعجك....؟ لم تخبريني عن اسمك؟

ـ اسمي "صفية"...

.. أبي اسماني صفية, كي احفظ القران.. في تونس يتبركون بالأسماء كثيرا. جدي شيخ متصوف وإمام مسجد, حين كنت ازور تونس كنت اتعلم من جدى عزف العود اكثر من حفظ القران, كان رحمه الله مغرم بالموسيقى.

هذه المرأة تتكلم كثير...ترى. ما سر هذا الكرم في اجاباتها عن كل ما يخصها؟

ـ تمتمت بصوت منخفض وكأني اتحسس أحرف اسمها على شفتي "صا. ا .ف .يـّة"

ـ ردت على بنبرة فيها الكثير من المباشرة ..

"وي .. مسيو" صفية ... اسمي " صفية ".

ـ ارجوك لا تكثري من استخدام اللغة الفرنسية, فأنا لا اكادُ اجيد الانجليزية فضلا عن الفرنسية, حاولي تكلم اللغة العربية رجاءً.

حالة من التوتر احسها كل منا لم اعرف سببها لكن تبدلت الامور.. في الوقت الذي بدأت رائحة البيتزا الشهية, تغير مسار الحوار وبدأ ايقاع ٌ خافت على الصحون الفخارية وكانه إعلان عن استراحة, من تلك العثرة في خيال كل منا.

ـ نسيتُ "إسمُوك"؟

ـ "مغير" هو من اسماء البادية ..فأهل البادية يتبركون ايضا بالأسماء القوية التي تشجع على الشجاعة والكرم, والصفات الحسنة.

ـ .. آه ... بدوي لاتخبرني عن اهل البادية..!

.. لقد رأيت منهم الكثير في جنيف! وحين كنا ندرس في الجامعات " الفيرنسية ", كانوا مثال لجنسٍ آخر يحتقر الانسان. ولا يتحدثون مع البسطاء و النساء الا من منطق المال...هم يثمنون كل شي "بالنقود" عفوا مسيو "مغير".. لقد بصقتُ عليهم !

..مجموعات هائلة من الكحوليون والفارغون, يتجولون مع مومسات, وينفقون ثروات هائلة كالأطفال, ميسيو "مغير" اذهب لترى كيف تحثى النقود في جنيف تحت ارجل اليهود, عندها سوف تدرك كم انتم مكروهين من العالم, لن يحبكم احد لإنسانيتكم أو ثقافتكم. فالناس هناك يطلقون عليكم تجار الجواري والرق الابيض.

ـ سيدة " صفية " هوني عليك.. من يمتلك المال يفعل اكثر من ذلك.

ـ نو...نو ....مسيو "مغير". الاغنياء في اوروبا لا يفعلون ذلك, انظر إلى مذكراتهم, وتاريخهم, وحدهم المجرمون من يتصرف هكذا.

لقد أرهقتني هذه السيدة. ترى هل لتكرار اسمي بهذا الشكل المقتضب علاقة بتاريخ ما؟. ومع ذلك فنهاك وجه من الحقيقة, لقد رأيت من بعض قومي الكثير في كل مكان اذهب اليه.

تبسمت صفية وهي تنظر لي وأنا اتناول شرائح البيتزا, وكأنها تضمر لي الوقيعة. لكن هذا جزء من الصراع بين ما نحب ونكره, بين المثالية الخطاب ومنطق الافراد من البشر.

مسافات متقاربة تجمع الاجساد.. ومسافات ضوئية بين النفوس والثقافات, يستحيل ان تمحي الصور بمجرد الدفاع عن الفضيلة حين يتصدر علية القوم مسارح العالم الاجتماعية والاقتصادية ويتراقصون في شوارع الغرب عراة من اخلاق البداوة والإسلام.

ـ هل اخشى على نفسي من هذه الابتسامة يا سيدة " صفية ".

ـ تريدني ان اقول الحقيقة يا سيد "مغير"... أريد ان ابكي. لن يخجلني ذلك... صدقني أن اخر شيء فكرت فيه أن اجلس مع " بدويٌٍ " من الخليج ..لكني اكثر تعاسة الان من ذي قبل, لقد هالني مافعله معي الدكتور " سعيد "..؟
ـ اسمـُه الدكتور " بطرس سعيد "

ـ نعم "بطرس سعيد" ...في بداية قدومي هنا بدأ في مقايضتي بشكل جارح ومهين ..عرض على كل شيء. افضل الصالات في القصر لعرض اعمالي, واحضار اهم النقاد والصحف لحضور المحاضرة التي منحت لي..
شرط ان استجيب لرغبته واكون عشيقته خلال هذه الفترة...

ابديت حنقي وغضبي مما سمعت, مع ذلك اعتذرت له باحترام وتقدير..

.. ولم اكن اتصور ان يضمر كل هذا الشر. لقد قام بالتلاعب بموعد محاضرتي, واختار اسوء الاماكن لعرض اعمالي, وقام بتهديدي بشكل مباشر باحتساب جميع مصاريف الدعوة, عن طريق لعبة قانونية خبيثة..

لقد صرخت في وجهه هذا اليوم وهددته بأني سوف اتوجه بشكوى لسفارة بلدي اذا قام بالتمادي وتكرار اخطائه.

ـ اذا انتِ من صرخ في المبنى بعد ظهر هذا اليوم!

ـ نعم, لقد كان الدكتور "سعيد" جرئي معي اكثر من اللازم, ولم ينفع استنجادي بالدكتورة "سامية حسين" التي احسست انها رهينة هي الاخرى لأمرٍ ما! ... هل رأيت كيف يفكر الناس هنا يا سيد "مغير"؟

حسنا بدأت الان في فهم شيء من الذي يدور في اروقة تلك القاعات. لا غرابة ان يكون التحكيم والمشاركين والكثير من الخفايا رهينة لبعض رغبات المنظمين..هذه سقطة كبيرة يا سيد "بطرس" وسوف تكلفك الكثير.

نظرت إلى السيدة صفية محاولً المواساة ولو بإبداء بعض الغضب.. وسرعان ما خفضت راسي ونظرت إلى يديها وهي تحرك صحن البيتزا الفارغ.

ـ سيدة صفية هل كان الدكتور "بطرس سعيد" من اهل البادية؟

لااعتقد انها توقعت هذا السؤال...وترددت في شرح الموقف برمته..لكنها فضلت التمهل..

ثم قالت...

ـ يبدو لي انك أكثر خبثا منه.
....

..


.
يتبع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي

التعديل الأخير تم بواسطة براااق الحـــازم ; 17-11-2010 الساعة 12:05 PM.
براااق الحـــازم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس