الموضوع: نعمة البلاء
عرض مشاركة واحدة
قديم 13-12-2010, 01:46 AM   #2
السلطانة
عضو متميز
 
الصورة الرمزية السلطانة
 







 
السلطانة will become famous soon enough
افتراضي رد: نعمة البلاء

إنه يعلم سبحانه أن النفوس لا تستقيم على الحق ولا تستقيم للحق ولا تتجرد لله إلا بعد ذلك التمحيص الذي يتم بالإبتلاء!

إن طبيعة النفس البشرية هكذا ! إذا سلِمت وأمِنت ترهلت ودب العطب إليها !




إن النفس كالجسم ! وحين لا يقوم الجسم بتدريبات عنيفة يترهل ويفسد ،ويعجز بعد قليل حتى عن أبسط الجهد !
وحين يقوم بالتدريبات الشاقة ـوهي شاقة قبل أن يتعودها ـ،فإذا تعودها ذهبت مشقتها ! فإنه يكون أخف وأنشط وأرشق ...وأقدر على إحتمال الجهد دون أن يصيبه الجهد!



والنفوس التي تُعد لعظائم الأمور لا بد أن تُعد لإحتمال الجهد دون أن يصيبها الجهد ...
والطريق الى ذلك هو التدريبات الشاقة،التي تصل في مشقتها أحيانا إلى حد أن يقول الرسول والذين آمنوا معه من شدة الزلزلة "متى نصر الله" !


ثم يمُن الله على عباده ويرفع عنهم الجهد... ويرفع عنهم الإبتلاء ...ولكن أرواحهم قد أصبحت أخف وأنشط وأرشق ...ونفوسهم أقدر على إحتمال الجهد دون أن يصيبها الجهد..



ثم إن الابتلاء هو انتزاع الإنسان من متاع الحياة الدنيا
سواء كان هذا المتاع هو الطعام والشراب والملبس والمسكن والعشيرة والأهل ..
أو كان هو المكانة المرموقة ..
أو كان هو الأمن والسلامة والاطمئنان على الحياة او المرض ..

والإنسان في أمنه يحسب أن هذه الأمور هي مقومات الحياة .. وأنه لو فقدها فقد مقومات حياته !
وهو بهذه الصورة لا يصلح لعظائم الأمور ! لا يصلح لحمل الأمانه الكبرى ..فضلا عن الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله ..


ولو ترك الإنسان لنفسه فلن ينخلع من أمنه وراحته وماله وأهله وعشيرته ..

فيأتي الإبتلاء فينزعه نزعا من هذه الأمور كلها أو بعضها ..
ويشعر في بادئ الأمر ـ دون شك ـ بالمشقة ..

ثم تمر فترة المحنة وقد حُرم مما حُرم منه ومع ذلك فهو لم يفقد "مقومات" حياته !
بل انه على العكس قد استشعر لوجوده طعما لم يكن يستشعره من قبل وصار يتذوق قيما ومشاعر وأعمالا سلوكية لم يكن يتذوقها من قبل ..


لقد صار إنسانا آخر أرفع وأعلى مما كان قبل .. وزادت حياته ثراء ورحابة وعمقا ..
فإذا عاد للأمن بعد انتهاء المحنة .. فلا يستغرقه متاع الأرض لأنه جرب بالفعل أنه ليس أرفع ولا أجمل ما في حياة الإنسان ..

وإن ذهب للقاء ربه ...فذلك الشهــــــــــــــيد ....وتلك أقصى مراتب الحياة !

ثم إن الإنسان عُرضة ـ وهو مستمتع بالمتاع الأرضي ـ أن ينسى الآخرة أو يتضاءل حجمها في حسه !

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي
السلطانة غير متواجد حالياً