عرض مشاركة واحدة
قديم 04-06-2012, 11:28 PM   #11
محمد الساهر
عضو مميز
 
الصورة الرمزية محمد الساهر
 







 
محمد الساهر is on a distinguished road
افتراضي رد: صفحة مكة المكرمه واخبارها وما قيل عنها في الماضي والحاضر

الحرمان الشريفان هما ..
المسجد الحرام بمكة المكرمة، والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة، خصهما الله سبحانه وتعالى، مع المسجد الأقصى في القدس، بالفضل على بقاع الأرض، ووعد من حج البيت الحرام أو اعتمر، وزار المسجد النبوي، وصلى به وسلم على رسوله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، وزار وصلى بالمسجد الأقصى بالقدس، بوافر المثوبة وجزيل العطاء.
ولهذا تنقاد قلوب المؤمنين إلى المساجد الثلاثة؛ رغبة في تطهير الأفئدة، وإقرار العيون، وبث الفرح في النفوس، عندما تعانق جوانحهم أجواء هذه الأماكن الطاهرة.
الحرم المكي الشريف الطاهر، ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى، فيه الكعبة المشرفة قبلة المسلمين، وأول بيت وضع للناس، خصه الله سبحانه وتعالى بما لم يخصّ به غيره من المساجد فيما سواه، وهو الحرم الآمن والحرم النبوي الشريف، مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، به الروضة الشريفة، خصه الله سبحانه وتعالى بما لم يخصّ غيره سوى المسجد الحرام والمسجد الأقصى هو المكان الذي أُسري إليه بالمصطفى صلى الله عليه وسلم، وصلى فيه، ثم عرج به إلى السماء، وفيه الصخرة التي عندها مربط البراق.
هذه المساجد الثلاثة لها من الخصوصية والمكانة ما يجعل إعمارهما المعنوي بالحج والعمرة والزيارة، والمادي بالبناء والتجديد والصيانة والإدارة، قربة إلى الله سبحانه وتعالى.اقتضت حكمة الله أن يجمع الموحدين من البشر على قبلة واحدة، فأوحى إلى أبى الأنبياء إبراهيم الخليل، عليه السلام، أن يقيم قواعد البيت العتيق، بعد اندثار طويل، وليعيد بناء أول بيت يذكر فيه اسمه، وليكون مثابة للناس وأمناً، تشد الناس إليه الرحال من كل فج عميق
: ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ). (الحج: 28).
وقد شاء الله تعالى أن يبقى هذا البيت مصدراً للإشعاع والنور الرباني، منذ أن أقيمت قواعده إلى أن تقوم الساعة، وجاءت الرسالة المحمدية، بحكم أنها خاتمة الرسالات، لتقر هذا المعنى وتؤكد هذه الحقيقة، إذ أمر المولى تعالى رسوله الكريم بالتوجه إليه في الصلاة، بعد أن توجه إلى بيت المقدس، ما يقرب من ستة عشر شهراً، وذلك ليعيد لأمة التوحيد، متمثلة في الأمة المحمدية، قيادة ركب البشرية وهدايتها حيث يقول تعالى:
(هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ).(الحج: 78)
فلا غرو، بعد هذا، أن تكون قبلة أبى الأنبياء "إبراهيم خليل الرحمن" رمزاً للتوحيد، ومظهراً حقيقياً للإيمان، تشرئب إليها القلوب، وتتطاول إليها أعناق المسلمين؛ لأنها مظهر وحدتهم، وسر اجتماع كلمتهم، ومحور شعائرهم. وقد أكد القرآن الكريم هذه المعاني في قوله تعالي:
(قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) .(البقرة:144)وبعد الفتح العظيم لمكة في العام الثامن الهجري وتحطيم الأصنام وبراثن الشرك، أعيد للبيت العتيق رسالته الصحيحة، وكان الحج ركناً أساسياً من أركان الإسلام لا يكتمل إسلام المرء بدونه.
ومن ذلك التاريخ، تصدرت مكانة الحرم المكي وأخذت الكعبة المشرفة أهميتها البارزة في عقيدة المسلمين وسائر عباداتهم.
عاش النبي في المدينة المنورة، يرسي قواعد الدولة الإسلامية، متخذاً من مسجده الشريف مقراً لإدارة الدولة، ومدرسة فكرية لتربية أصحابه، يزاولون فيه شعائر عباداتهم، ويتلقون من نبيهم تعاليم دينهم إلى أن استبان المنهج واكتملت الرسالة ولم يبق سوى أن يتابع رجاله السير على هداه، وبعدها لحق رسولنا الكريم بالرفيق الأعلى، تاركاً لنا ميراث نبوته في كتاب الله وسنته المشرفة.
ومن هذا المنطلق، احتل مسجد الرسول الكريم في طيبة الطيبة، في حياته وبعد مماته، مكانته المقدسة في قلوب المسلمين جميعاً، وصار المسجد النبوي ثاني الحرمين، الذي تشد إليه الرحال من كل فج عميق ليشارك الحرم الأول رسالته السامية، في تعميق مشاعر الإيمان في قلوب المؤمنين.
وإيماناً بأهمية رسالة كل من الحرمين الشريفين، حرص خلفاء المسلمين، ومن جاء بعدهم من الحكام، على إبقاء هذه الرسالة حية ومتجددة على الدوام، تؤتي أكلها وثمارها في كل حين، وذلك برعايتهما وصيانتهما من كل حركة معادية أو اتجاه هدام؛ لأن إلحاق ضرر ـ لا قدر الله ـ مهما كان نوعه أو درجته، يمس الحرمين من قريب أو بعيد، إنما هو ضرر يمس، قبل كل شيء، عقيدة المسلمين، ويوهن من مشاعرهم وشعائرهم، ويؤدي إلى تمزيق وحدتهم، التي منّ الله عليهم بها في قوله تعالى
( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ). (آل عمرن: 103) وإن كانت خدمات حكام المسلمين، من خلفاء راشدين وخلفاء أمويين وعباسيين وسلاطين عثمانيين وأئمة وملوك سعوديين، إزاء هذين الحرمين عبر فترات التاريخ الإسلامي، قد تنوعت فشملت السقاية والرفادة وكسوة الكعبة، والتوسعة والبناء والترميم وفرض النظام والأمن، وجميعها، بلا شك، خدمات جليلة، يشهد بها التاريخ في الماضي، ويقرها الواقع اليوم؛ فإن هناك، بجانب هذه الخدمات، رعاية أخرى أسمى وأعمق، يواجه بها بكل حزم وقوة، تلك الاتجاهات المضلة والنحل الضارة، التي أرادت أن توهن من قدر هذه المقدسات، وأن تبعد أنظار المسلمين عنها إلى أماكن أخرى مزعومة، ومراكز فكرية تبث سمومها الإلحادية ضد معتقد المسلمين وتغزو عقولهم غزواً فكرياً يصعب انتزاعه.
إن مثل هذه الرعاية تعد أسمى أنواع الرعاية وأنفعها، وسوف تعود بالخير على المسلمين من جهة أخرى، حتى يظل التأثير بين الطرفين باقياً وتظل المناعة الوقائية للحرمين ضد شتى الحملات العدائية قوية وباقية.
وعندما تهيأ للحرمين أداء دورهما على هذا النحو، انسابت آثارهما قوية في نفوس المؤمنين، تعصمهم من كل بدعة أو انحراف، وتصحح المعتقد، كلما طرأ عليه من الظواهر والمتغيرات، ما يحيد به عن المنهج الرباني فإنه لا يسوغ، لأحد من أهل التوحيد، أن يشد رحاله إلى غير الحرمين والمسجد الأقصى.
كما ينبغي أن تمتد حركة التصحيح، بوسائلها المختلفة، من هذين الحرمين إلى الطوائف المخالفة لهذا الحكم الإسلامي؛ لأن هذين الحرمين مصدران للإشعاع الإيماني، الذي يواجه كل باطل وانحراف.
ولم تقتصر رسالة الحرمين على توفير مكان للعبادة للمسلمين من مختلف أصقاع الأرض فقط، وإنما لمن يقوم بخدمتهما دور قيادي، باعتباره الممثل الشرعي للمسلمين والجامع لكلمتهم والمعبر عن آمالهم.
وهذا الدور الطليعي ينبغي أن تأتي ثماره في المجالين الإسلامي والدولي، وعلى كل محاور النشاطات الدينية والسياسية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية.
وهذا الدور الطليعي، الذي يضطلع به من يقوم بخدمة الحرمين، ليس هو وليد اليوم، وإنما هو تكليف شرعي، شرف الله به كل من قام بخدمتهما في كل عصر، منذ أن قامت دولة الإسلام الأولى في المدينة المنورة إلى أن يشاء الله.
إن الحرمين الشريفين ليسا نصبين تذكاريين، وإنما هما معنيان من المعاني الخالدة لا تقوم للمسلمين قائمة بدونهما، بل لا تكتمل الشخصية القانونية والشرعية لدولة إسلامية كبيرة، تجمع المسلمين جميعاً، إن لم يكن الحرمان الشريفان رمزاً لها.
ولنا، في رسولنا الكريم والخلفاء الراشدين من بعده، الأسوة الحسنة، فقد اتخذوا من مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم مقراً لإدارة الدولة الكبرى، التي أقاموها.
وقد أدى المسجد النبوي دوره كاملاً، من دون نقصان، إذ انبعثت منه المؤثرات الدينية الصحيحة إلى كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ومنه عقدت ألوية المجاهدين، الذين انتشروا في الأرض؛ لتمكين منهج الله، وإليه وفدت وفود الأمم ومبعوثوها ؛ لعقد المعاهدات والهدن وإبرام الصلح.
كما كانت تفد إليه وفود الأمصار الإسلامية برئاسة ولاتها لأداء؛ فريضة الحج وزيارة المسجد النبوي، ثم يلتقون بالخليفة؛ ليتلمس مشكلات المسلمين في بلادهم البعيدة، ويطمئن إلى عدالة الحكم وإيصال الحقوق إلى أصحابها.
إنه بحق دور ريادي لراعي شؤون الحرمين الشريفين، ينطلق من المصلحة العليا للمسلمين، بصفته الممثل الشرعي لهذه الأمة، والقادر على توصيل هذه المثل إلى جميع المسلمين في بقاع الأرض، والحارس على سلامتها من كل بدعة أو اتجاه هدام.
كان الحجاج يلاقون أنواعاً متعددة من الأذى، ولا يستطيعون السير إلى مكة وحدهم، حيث كان قطاع الطرق يتربصون بهم في كل حدب، ومن فوق كل جبل، لذا كانت قوافل الحجاج تضم مئات الرجال المتأهبين لأي طارئ.
وبعد تأسيس المملكة العربية السعودية في عام 1351هـ صار الحاج ينطلق من أي مكان في المملكة إلى مكة مع صحبه، وقلوبهم مطمئنة.

تقف مشاريع توسعة وعمارة الحرمين الشريفين صروحاً إسلامية شامخة، وشاهداً على ما تقوم به الحكومات من أعمال جليلة، تهدف إلى خدمة الإسلام وراحة واطمئنان المسلمين، الذين يفدون على الأراضي المقدسة من كل أنحاء العالم؛ لأداء فرائض الحج ومناسك العمرة والزيارة.
جاء اهتمام ولاة الأمر لتوسعة وعمارة الحرم المكي والمسجد النبوي الشريف، منذ أول توسعة للمسجد الحرام قام بها الخليفة عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان، وقد انفرد عبد الله بن الزبير بتوسعة وعمارة الحرم المكي الشريف، والتوسعة الرابعة للمسجد النبوي الشريف، التي انفرد بها الوليد بن عبد الملك، وتلتها توسعات أخرى للمسجد الحرام والمسجد النبوي، قام بها في خلال العصر العباسي أبو جعفر المنصور، تلاه ابنه محمد المهدي، وقد توجت هذه التوسعات بتوسعة الخليفة المقتدر.
فقد قام بتوسعة أجزاء عرفت بالزيادات للمسجد الحرام والمسجد النبوي قام بها، ثم السلطان سليم الثاني، بعدها توسعة الملك سعود، التي أمر بها المؤسس الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز.

أما بالنسبة للمسجد النبوي الشريف، فقد عمر بعد توسعة المهدي على أيدي السلاطين الجراكسة، بعدها أتت عمارة وتوسعة السلطان عبد المجيد العثماني، التي نرى آثارها في الجزء الجنوبي من المسجد.
وفي بداية حكم الملك عبدالعزيز، وضع أسس وجذور أعمال العمارة والتوسعة، حيث بدئ بالتوسعة في حياة الملك عبدالعزيز، وأتمها الملك سعود، ثم بدأ الملك فيصل بالتوسعة الثانية، والملك خالد بالتوسعة الثالثة، التي وضعها موضع التنفيذ، ثم توسعة خادم الحرمين الشريفين الشاملة، التي غطت جميع محيط المدينة المنورة.
كل هذا من أجل راحة وطمأنينة الأعداد المتزايدة من الحجاج والوافدين على الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية؛ لأداء مناسك الحج والعمرة والزيارة. تبين الدراسة أن الطاقة الاستيعابية لمساحة الحرم المكي والمسجد النبوي الشريف، تصبح تفوق القدرة الاستيعابية لهما.
وهذا ما يجعل ولاة الأمر، أو من تنيبونهم، على مر التاريخ، يبدون شخصياً اهتماماً بالغاً بالأمر باستمرار متابعة مراحل العمل.
تعد مشاريع التوسعات التاريخية والمشروعات المكملة الأخرى، في منطقة المشاعر المقدسة، في مقدمة ما أنجزته الدول الإسلامية في مجال خدمة الإسلام والمسلمين.
وينبع اهتمام ولاة الأمر بعمارة المسجد أياً كان مكانه، وخاصة الحرمين الشريفين، من إيمانهم الراسخ بأن هذا العمل الجليل، علاوة على أنه شرف عظيم في الدنيا، فله من عند الله الثواب الجزيل.
تتميز منطقة الحرم المكي الشريف بثبات المكان وديمومته، إذ إن أي عمل، حيال المحيط العمراني للحرم، يجب أن يضع نصب عينيه هذه القاعدة.
لقد كانت المدينة المقدسة خلال فترات التوسعات للحرم المكي الشريف مثلاً للمدينة الإسلامية، التي تلتف حول مركزها الديني (الحرم الشريف) وعرفت بحاراتها وأزقتها العتيقة الضيقة المتعرجة، التي تصب من جميع الجهات في اتجاه المسجد الحرام، إضافة إلى الأسواق، التي انتشرت من حول الحرم لخدمة الحجاج.
لقد استمر هذا النمط العمراني يشكل الخطوط العريضة لنمو مدينة مكة المكرمة، حتى أواخر العهد العثماني. استمدت مكة المكرمة شكلها الطبيعي، الذي أخذته منذ قيامها وحتى تاريخنا هذا، من طوبوغرافية المنطقة، ومن التأثير البارز للإسلام.
فالحرم الشريف، الذي يسمو وسط مكة المكرمة هو مركز الحياة الحضرية، وتتجمع حوله كل النشاطات الرئيسية الدينية والمدنية والاجتماعية والثقافية والتجارية.
عندما تتبعنا مراحل النمو في مكة المكرمة، وجدنا أن الأسباب الدينية هي التي تفسر موقع وشكل التطوير في المدينة، أكثر مما تفسره الأسباب الدنيوية المادية.
لقد اختار الله هذا الموقع القاحل النائي؛ ليكون مهد الرسالات السماوية وخاتمها دين الإسلام المرسل إلى البشرية كافة.
عندئذ أصبح الحرم المكي مركزاً لجميع الشعوب الإسلامية في كل أنحاء العالم.
ونتيجة لبناء إبراهيم وإسماعيل، عليهما السلام، الكعبة المشرفة في مكانها المحدد بعناية إلهية، أصبحت مكة مركز هذا الدين، وبدأ مزيد من الناس يهاجرون إليها.





يتبع
محمد الساهر غير متواجد حالياً