[موسى الكناني]

لم تكن أكتاف ذلك الشخص الذي ســافر إلـى بريطانيا أصلابٌ من حديد ؛ ولا رأسـه حجـر ملولب ؛ ولا جسده جذعُ نخلٍ خـاوي ؛ ولا راحت يـده سنبلة حتى تقف عليها حَـمَـامَـات بريطانيا وتلاطفه مطمئنة آمنة !
سألني ذلك الشخص:
هل طيور بريطانيا تختلف عن طيورنا التي تنفر من بني البشر؟!
سألني وهـو يدرك إجابة ســؤاله ؛ ولكنه أراد أن يسمعها مني لِمُقْتضى الموقف ، حملت ذلك السـؤال ولم أجبه ؛ ولكني وعدته أن أعـود.

وها أنا أعـود وأقــول له:
إننا يا سيدي تعودنا على سـوط الجلاد ؛ وأصبحنا نَجلِّدُ كما نُجّلد ، نتربى معنفين ؛ وندرس معنفين ؛ ونعيش معنفين...
المجتمع ينهش بعضه ، والسلطات تطغى بسلطتها وتفرض هيبتها وتستبد برأيها ونخضع ذلّا ً لسيادتها؛ ونجلد ردا ً على قهر الحياة ومضاضة العيش ؛ حتى أُكِلت الرحمة من قلوبنا فــلا حيوانٌ ولا إنسٌ يأمن شـرّ روحٍ أخـرى ، فأصبحنا ونحن بشـر نَفِرُّ من بعضنا ونتنصل منْ مسؤولياتنا الاجتماعية ؛ ونفكك ترابطنا بأيدينا فما بالك بحيوانٍ نشـأ في بيئتنا ؛ لا ذنب له إلّا أن مشيئة الله شـاءت أن يخلق في مجتمع التعنيف والنفور؟!
إن كنا ونحن بشر وهبنا الله نعمة التفكر والتدبر(نعمة العقل) وقبل ذلك نعمة الإسلام ؛ لا نقع على بعضنا متحابين متآلفين ؛ لا نقع إلّا بسياط من حديد وجلدٍ مرير.
عجبي وأن ديننا دين الرحمة والرفق والأولى أن نكون نحن مضرب المثل وليس أولائك!
ها هي امرأة دخلت النار في هرة ؛ وآخرٌ دخل الجنة في كلب !
فلو اتكأنا على ديننا كما ينبغي وعملنا بحثائثه لهاجرت طيور بريطانيا إلينا.

فيا سيدي إن أخطأت وجلدتك يوما ً ما فــلا تغضب مني وتـأكـد أنني لست إلّا ضحية مجتمع ؛ كغيري من الجلادين.

أتعلمون ماذا كانت إجابته بعد كل هذه الثرثرة:
"يا ابني ما يآدووه .. ما يآدووووه" طبعا ً يقصد بذلك حَمَام بريطانيا.

وأخيرا ً لا "تآدوني" وتقولون أنني ذو فكرٍ تغريبي فأنا والله من أشد المعادين لكل فكرٍ متطرف يمس ديننا وأخـلاقنا وقيمنا ؛ ولكنها حقيقة بحسباني أردت أن أكتبها لكم ولا عتب على جــــلاد !