عرض مشاركة واحدة
قديم 04-02-2010, 01:50 PM   #3
شاعر المهجر
 
الصورة الرمزية شاعر المهجر
 







 
شاعر المهجر is on a distinguished road
افتراضي سبحانية جمعان اليوفورية !

(1)

تغير جمعان مع تغير الزمان والمكان, فتغيّرت بذلك لكنته التهامية إلى المكاوية القحة فصار يجيد اللكنة الحضرميّة و المكية والهوساوية التي يكشخ بها أمام أصحاب أصحابه الذين يزوّدونه بالشمة ( الشمة هذي مادة مخلوطة لا أستطيع وصفها فقد كفاني ذلك أحد رجال الديرة المعروفين بأنها ( فضلات ) الكافـر )... وصار أصحاب جمعان يذهبون ويجيئون عليه وأطلقوا عليه لقباً خاصاً ( الشللية في مكة لازم تعطي لقب نك نيم ) وأسموه ( الشمة ) رغم صغر سنه عن رفقائه إلا أنه كان من يأمر وينهى ويتخلل ذلك ضحكته الغبية اللامبالية .

كبر جمعان وصار أهله يعتمدون عليه في أموره الشخصية وتدبيرها , وصار يسافر مع أصحابه إلى البحرين , ثم كان يجمّع طوال العام مالاً لكي يستطيع السفر إلى مصر لتحقيق أمنيته الوحيدة وهي الرقص مع الغيد الحسان وشرب (المنكر) وحقق تلك الأمنية حين تخرج من الثانوية العامة بتقدير (+د) والتقط صور كثيرة لنفسه مع أكبر عدد ممكن من فتيات الهوى.... فعل كل ذلك وأكثر ....

لا أستطيع وصف تلك الشخصية الغامضة لما ذكرناه من حالته النفسية الحادة التي يمر بها حتى هذه اللحظة التي أشرع فيها كتابة هذه السطور , لكني أعرف أنه شخص عريض الأرداف بسبب إكثاره من وجبته المفضلة ( الشاورما والطعمية التي يسرف فيها في الدكّة ) ذو سمرة غير واضحة وشعر سلكي أقرب إلى جذوع الشجر قصير جداً بحيث من الممكن أن تمر من فوقه دون أن تلقي له بالاً..... ويسوّي فيها إنه معلّم حين يأمر بهلول : " يا بهلول الغبي روح جيب لي طعمية و شاورما و منتو وفرموزا من الكافتيريا !" والكل رهن اشارته وبنانه والكل طوع أمره......

ويسوّي فيها انه ذكي مثل ما ذكرنا في تقديمنا لجمعاننا , هو فقط ذكي وغيره مساكين , مرة حينما كنت أهم بالذهاب في مشوار ؛ ما انتبهت إلا وهو قدام وجهي >>> أعوذ برب الفلق<<< أنا سافرت مصر ... أنا زرت اللوفر ... أنا رحت بيروت ... أنا تصورت مع آينشتاين ... أنا عالم ... أنا أرقص التانغو " طيب وش تبغا مني يا آدمي ؟" قلت له ؛ رد عليّ " لا شيء أنا فقط أريد منك أن تسبغ عليّ إطرائك وتنظم فيه قصيدة ولو من بيتين وتنشرها في الجريدة ؛ قلت له " فارقني ولا عاد أشوف رقعة وجهك " ونهرته نهرةً أعتقد أنها كانت سبباً أيضاً في ازدياد كآبته اللي سوف تتبعنا أيضاً في الحلقات الجاية والتي كان لها الأثر العميق في محصلات أخرى سوف تتفاجؤون بها .......

عجز أبوه عن علاجه فعلاجه على قولته >> ما منه فايده <<< وصار جمعان حديث الحارات المكاوية بأنه شرس ونكد المزاج ومن الممكن أن يفتك بالضحية في أي وقت ممكن ؛ أمه لم تكن تملك غير الدعاء لابنها جمعان ذو الكرشة المتدلية فصارت المسكينة تصلي الصلاة ثم تدعو لكبيرها أن يهديه الله ويصلحه حين عجزت عن ضربه مثلما كان صغيراً فهو اليوم لا أحد يستطيع النظر إليه !

يئس منه إخوته وصاروا بدلاً من نصحه يتندرون به ويرمون له من بعيد حبات الباراجون ويتلقفها ببراطمه ظناً منه أنها (شمة) يا للقرف! لم تقبله الجامعة وقدم أوراقه أكثر من مرة في العسكرية لكن لسوء الحظ كان الطول سبب نكادته وعنائه , دفع ( أهل الخير فلوس لأحد المعارف في البلدية ) وصار موظفاً على بند الأجور براتب زهيد ؛ ورغم كل الصعوبات التي كان يواجهها جمعان في حياته إلا أنه كان ابناً ضروساً في تلك الأحوال واستمرّ في وظيفته البلدية وكل عطلة تعرض عليه أمه الزواج من بنت الحلال إلا أنه يرفض بحجة صغر سنه>>> فوق 25 سنة<<< وظل يعيش جمعان وتفكيره في فتور إلا من جلساته العصرية في الدكة حتى جاء هذا اليوم الذي لم يكن على باله ولم يكن في حسبانه:
القصة وما فيها إن جمعان هذا كان ( شاذ جنسيّاً ) بمعنى آخر لوطي رفض فكرة أمه بالزواج بسبب ذلك , وكانت جلساته العصرية في الدكة ليس حباً في عيون بهلول وسمير ومعتوق والجنسيات الأخرى ؛ كان ذلك بسبب ولد الجيران سلطان القبيلي البدوي اللي جا من الديرة بقسمات أنثى وعيون زرقاء وجسم مايل ومايع!

إذن كان جمعان طايح عند دباديب ( سلطان )؛ وتجدر الإشارة إلى أن نسبة الشذوذ الجنسي في وطني تمتاز بمعدل رهيب ومخيف وأعزو ذلك إلى أسباب لست هنا في معرض الكتابة عنها لأن الحديث سوف يطول وأنا هنا أريد فقط أن أسرد حكايتي .... وسلطان ما كان يدري صغير في السن لا يتجاوز العاشرة ؛ كان سلطان يخرج يومياً الى المدرسة أو إلى الكافتيريا ليقضي مشترياته من السوق وكان جمعان يقعد له عند باب الحارة وكله موسيقى شعبية؛ كله يفيض بالكسرات وكان ينشد الكسرات المكسورة والكسرات المجبورة الخاطر ؛ قال مرةً في سلطان :
ذبحتني يا سلطان في قلبي ذبحتني واحسب انك تداويني
سلطان لو تبغا بعد قلبي أعطيك قلبي وتسكن بعد في عيني
هذا لا يعني إلا أن جمعان تغير من كونه ذلك الابن المحافظ على قيمه وعاداته إلى ذلك الشاب العربجي الغير آبه بما يحدث أمامه على الساحة! لم يكن يهمه سوى شيئين فقط: أن يملأ كرشته وأن يقعد لسلطان عند الدكة عند باب الحارة وتمضي الأيام وجمعان يكبر وعقله يصغر وحالته النفسية تزداد سوءاً , فقط المحيط حوله من كان في نقطة ثابتة وتنتظر انجلاء الغمّة عن هذا الولد الذين ما عهدوه إلا تقياً وورعاً والذي كان يحمل دائماً في جيبه الصغير ( حصن المسلم )!

يتبع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
ɷ ڜـۉێّـڅ ݦـن أٱٱږڞ ټـڪڛـٱٱٱښ

ۅڜ ؏ـڷۓ ٱڶڹٱښ ݦڼۍ ؟ɷ
أخر مواضيعي
شاعر المهجر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس